أسئلة واستفسارات حول
الدين البهائي
ما هي نظرة البهائية تجاه المنطقة العربية واللغة العربية؟
بالإضافة إلى الارتباط الإيماني والتاريخي الوثيق بين البهائية والإسلام فإن اللغة العربية أيضا تحظى بمكانة خاصة لدى البهائيين. فمعظم الآيات والكتابات البهائية النازلة من قلم حضرة بهاء الله هي باللغة العربية بما في ذلك "الكتاب الاقدس" والصلاة والعديد من الكتابات والأدعية الأخرى. اللغة العربية كانت قريبة إلى قلب بهاء الله وكان يشير إليها بـ "اللغة الفصحى" لوفرة كلماتها وقدرتها على التعبير مقارنة باللغات الأخرى.
جل تاريخ بعثة حضرة بهاء الله ومعظم حياة خليفته عبدالبهاء ومن بعده شوقي أفندي كان في البلاد العربية؛ وبالتالي ارتبطت مدن عربية عديدة بتاريخ نشأة الدين البهائي أهمها بغداد والتي تحتضن بيت بهاءالله وفيها تم إعلان البعثة وبداية عيد الرضوان، وعكا حيث قبلة البهائيين وفيها نزل الكتاب الأقدس وبأرضها الروضة المباركة الشريفة لحضرة بهاء الله. وحيفا التي تحتضن رفاة الباب المبشر بظهور بهاء الله وبجواره مقام عبدالبهاء والذي أَسس على سفح جبلها دعائم العهد والميثاق في الدين البهائي.
كيف تصف علاقة البهائيين بمجتمعاتهم؟
البهائيون في كل مكان في العالم جزء طبيعي من مكونات المجتمع المتنوعة ولا يرون أنفسهم جزأ منفصلا من مجتمعهم. فهم مواطنون كسائر مواطني بلدهم يتشاركون معهم ذات الأحلام وذات الطموحات لمستقبل أجمل لبلدهم، ويسعون كلٌ في مجاله وتخصصه أن يكونوا مواطنين صالحين يساهمون بإخلاص في خدمة وطنهم ومجتمعهم ويعتزون جدا بذلك. لا يحبذ البهائيون بأن يصنفوا على أنهم "أقلية" أو "جماعة دينية" في مجتمعاتهم بل يؤمنمنون بأن الجميع أبناء مجتمع واحد وجزء من نسيج واحد متسق ومنسجم يمتاز بجمال ألوانه.
التعاليم البهائية تؤكد بوضوح على أهمية الانتماء الحقيقي للمجتمع والحب والولاء الصادق للوطن. كما تؤكد على الاهتمام بما يتطلبه كل عصر من أجل تقدم ورقي مجتمعاتهم والعمل من أجل الصالح العام في بلدانهم.
من المنظور البهائي أعلى مستويات تجلي الايمان في سلوك الفرد يتحقق من خلال ترسيخ مفهوم خدمة المجتمع في حياته وألا يقتصر حياته على الاهتمام برخاء وسعادة نفسه واسرته فقط، بل أن يساهم كل فرد في مجاله وتخصصه في رخاء مجتمعه والمساهمة مع الآخرين في نماء وتقدم مجتمعه وحية ومدينته وبلده بل والعالم، وأن يربي نفسه على أن يرى أبناء المجتمع امتدادا طبيعيا لأسرته بكل تنوعاتهم وأفكارهم وبالتالي يرى سعادة هذه الاسرة الكبيرة امتدادا منطقيا لسعادة اسرته الصغيرة. هناك العشرات من الآيات والنصوص البهائية التي تؤكد على ذلك، منها على سبيل المثال: "فيكون كل منكم بمثابة شمعة تنير الجمع، وأزهارٍ ورياحينَ تنثر الرائحة الطيبة" حضرة عبدالبهاء (مترجم)
البهائيون متنوعون بتنوع المجتمع فهناك الطبيب وهناك التاجر وهناك الأديب وهناك الرياضي وهناك العامل البسيط وكلُ له اهتماماته المختلفة كأي مواطن في المجتمع. لا يوجد للبهائيين مظهر خاص شكلا وملبسا، أو طقوس خاصة تميزهم عن مجتمعهم، ولن تجدهم متكتلين في أحياء أو مدن محددة، بل هم جزء عضوي من نسيج المجتمع.
لماذا يتواجد المركز البهائي العالمي بحيفا وعكا؟
كما هو حال كافة الرسل والمبعوثين الإلهيين تعرض حضرة بهاءالله طوال سنوات بعثته للكثير من الظلم والايذاء على يد الحكومتين العثمانية والإيرانية وجموع من رجال الدين المتشددين. فقد قضى بهاءالله أكثر من 40 عاما سجينا منفيا من بلد إلى آخر.
إن نفي حضرة بهاء الله مع عائلته وجموع من البهائيين من بغداد التي كانت أقرب المدن إلى قلبه إلى إسطنبول ثم أدرة وصولا إلى سجن قلعة عكا بفلسطين، ثم تحديد إقامة أتباعه في عكا وحيفا لم يكن خيارا للبهائيين بل كان نتيجة فرمان مباشر من الخليفة العثماني السلطان عبدالعزيز. استمر سجن وتحديد حركة بهاءالله وأتباعه في عكا وحيفا قرابة 25 عاما إلى أن وافته المنية وصعدت روحه الطاهرة إلى خالقها وهو مازال حبيس عكا.
هذه الأحداث المؤسفة من سجن ونفي هي التي جعلت عكا وحيفا تستضيفان الروضة المباركة الشريفة لحضرة بهاءالله والمقام الذي دفن فيه ابنه وخليفته حضرة عبدالبهاء (عباس أفندي) والعديد من المواقع التاريخية البهائية، وكنتيجة طبيعية أصبحت عكا وحيفا مدن مقدسة بالنسبة للبهائيين وأصبحت مركزا روحيا وإداريا لهم. كل هذه الأحداث وقعت قبل نشوب الأحداث السياسية التي شهدتها المنطقة بعقود طويلة.
وجود الأماكن المقدسة البهائية في تلك الأرض مشابه تماما لتواجد المسجد الأقصى وكنيسة القيامة هناك. إن الاحداث والمواقع التاريخية حقائق ثابته لا يمكن تغييرها مهما تقادم الزمن او تغيرت أو تبدلت الظروف السياسة.
ما هي نظرة البهائية تجاه الإسلام واللغة العربية؟
ترتبط البهائية ارتباطا وثيقا بالإسلام وكافة الأديان السابقة لها، فالبهائي أياً كانت خلفيته الثقافية او العقدية عليه أن يؤمن بالرسول محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم كمبعوث من الله عز وجل أرسله رحمة للعالمين، وأن يقبل بأن الإسلام دين حق وبأن القرآن الكريم كلام الله أوحى به على رسوله وحبيبه محمد بن عبدالله، وهو يحمل ذات القبول والتجليل تجاه كافة الأديان. وهذا ايمان يشترك فيه كافة البهائيين في مشارق الأرض ومغاربها.
"الحَمدُ للهِ الَّذِي أَرْسَلَ الحَبِيبَ بِراياتِ الآياتِ وَجَعَلَهُ مِنْ عِندِهِ مُبَشِّرًا لِيبَشِّرَ الْكُلَّ بِفَضلِهِ وَرَحمَتِهِ الَّتِي سَبَقَتِ الأَرْضَ وَالسَّماءَ، هُوَ السِّرُّ الَّذِي بِظُهُورِهِ تَزَينَتِ الأَرْضُ وَبِصُعُودِهِ وَعُرُوجِهِ تَشَرَّفَتِ الأَفْلاكُ، بِهِ جَرَتْ أَنْهارُ المَعانِي وَالبَيانِ فِي الإِمْكانِ وَظَهَرَتْ أَسْرارُ الرَّحْمنِ بَينَ الأَدْيانِ، تَعالى مَنْ أَيدَهُ وَأَقامَهُ مَقامَهُ في ناسُوتِ الإِنْشاءِ، طُوبَي لِمَنْ عَرَفَ وَتَقَرَّبَ وَوَيلٌ لِلمُبعَدِينَ" حضرة بهاء الله
"والصّلاة والسّلام على سيّد العالم وعلّة وجود الأمم الّذي به أنزل الله الفرقان وبه فرّق بين الحقّ والباطل إلى يوم القيام، وعلى آله وأصحابه الّذين بهم استحكم بنيان الدّين وظهر حبل الله المتين، من تمسّك بهم فقد تمسّك بالله الفرد الواحد المقتدر القدير" حضرة بهاء الله
الآثار والكتابات البهائية مليئة بالآيات والبينات التي تؤكد على مقام الأنبياء والرسل وكتبهم عبر التاريخ. وما أدل على ذلك من خطب عبدالبهاء التي ألقاها في كبريات الكنائس والجامعات الأمريكية والأوروبية والتي خص العديد منها للتأكيد على عظمة ومكانة الإسلام.
مقتطف من خطبة ألقاها حضرة عبدالبهاء في رحلته إلى أوروبا حول مقام الرسول محمد بن عبدالله (ص) وتأثيره في العالم
مدينة تونون السويسرية – نشرته صحيفة الأهرام
"وأمّا الرّسول الكريم محمّد المصطفى عليه الصلاة والتّسليم فقد بعثه الله في وادٍ غير ذي زرع لا نبات فيه بين قبائل متنافرة ... فما كانت بعثته عليه السّلام إلاّ كنفخ الرّوح في الأجساد أو كإيقاد سراج منير في حالك من الظّلام فتنوّرت تلك البادية الشّاسعة القاحلة الخاوية بتلك الأنوار السّاطعة على الأرجاء فانتهض القوم من رقد الضّلال وتنوّرت أبصارهم بنور الهدى في تلك الأيّام فاتّسعت عقولهم وانتعشت نفوسهم وانشرحت صدورهم بآيات التّوحيد فرتّلت عليهم بأبدع الألحان، وبهذا الفيض الجليل قد نجحوا ووصلوا إلى الأوج العظيم حتّى شاعت وذاعت فضائلهم في الآفاق، فأصبحوا نجومًا ساطعة الإشراق فانظروا إلى الآثار الكاشفة للأسرار حتّى تنصفوا بأنّ ذلك الرّجل الجليل كان مبدأ الفيض لذلك القوم الضّئيل وسراج الهدى لقبائل خاضت في ظلام الهوى وأوصلهم إلى أوج العزّة والإقبال ومكّنهم من حياة طيّبة في الآخرة والأولى، أمّا كانت هذه القوّة الباهرة الخارقة للعادة برهانًا كافيًا على تلك النّبوّة السّاطعة؟"